الثورة المضادة تتمثل في كتلتي البرجوازية، سلطة الرأسمال البيروقراطي، حزبي اليمين المعتدل المؤتمر، والمتطرف الاصلاح، و قد دشنت الثورة المضاد صبيحة 21مارس 2011، عندما اعلن محسن تأييده لثورة الشباب، و انقسمت بعدها الثورة المضادة الى نصفين، نصف في ساحة التغيير امام جامعة صنعاء، بقيادة محسن وحميد الاحمر و حزبهم الاصلاح وحلفائه، و النصف الاخر المؤتمر بقيادة صالح وبقية اصحاب المصالح النفعية البرجماتية، الحزبين يمثلا مراكز القوى المتحكمة في الحياة الاقتصادية لليمن، و هم الطبقة الحاكمة اقتصاديا والطبقة الحاكمة اقتصاديا هي الحاكمة سياسيا. الحزبان يدافعان عن مصالح الاقلية الطبقة العليا الرأسمالية، مشايخ القبيلة والدين، كبار الضباط القادة العسكريين، كبار الصناعيين والتجار، يحتكرون السلطة والثروة ونسبتهم لا تزيد عن 1% من الشعب و مصالحهم الاقتصادية الرأسمالية، مرتبطة بالمصارف التجارية والرأسمالية العالمية المتوحشة، و يقابل تلك الاقلية الطبقية، طبقة دنيا كادحة مفقرة تمثل 99% من الشعب اليمني، تتمثل في الفلاحين وهم يمثلون80% من سكان اليمن، والجنود والعمال وصغار الحرفيين، و صغار الموظفين محدودي الدخل.
ثارت تلك الطبقات في فبراير 2011م ثورة اجتماعية، و كانت تحلم بتحسين مستواها المعيشي، و تتوق لدولة عادلة وحكومة بروليتارية تنتمي للفقراء، الا ان الثورة المضادة ارتدت ضد الثورة بهجمة شرسة ومنظمة تنظيم اقتصادي دقيق، و انقسمت الى نصفين، نصف بساحة الجامعة بقيادة الاصلاح، و نصف بقيادة صالح والمؤتمر بساحة السبعين، و تم تجميد الثورة بالساحة، و دخلت الثورة المضادة بحوارات وتفاهمات، امتدت لما يقارب عام، و تصارعت على مصالحها صراع عنيف ودامي ومواجهات عسكرية، في الحصبة والصمع وتعز انتهى الصراع العسكري، بإصابة صالح واركان نظامه بجامع النهدين بداية يونيو، و كان الصراع محكوم بسقف معين، و مرجعيته الرياض، و ملك النفط ابن سعود، و بعدها اتفقت كتلتي البرجوازية على تقاسم السلطة والثروة مجددا، برعاية ولي نعمتهم جميعا الملك السعودي.
بعد توقيع المبادرة الخليجية، شكلوا حكومة مناصفة، على ان يغادر رئيس العصابة صالح ويحل محله نائبه هادي، مقابل منح الحصانة لصالح وكل قوى الثورة المضادة، و رفض تلك المبادرة والحصانة حركة انصار الله “الحوثيين”، و ظلوا ثوار متمسكين بمبادئ الثورة، و معتصمين بساحتها لمدة اربع سنوات، و لأن الثورة اجتماعية جذورها عميقة و جبارة و عنيفة، احتدم الصراع الطبقي بين الطبقتين البرجوازية، والبرولتتارية.
كانت حركة انصار الله اقلية معزولة و كتلتي البرجوازية تجمع على اقصائها واستئصالها وسحقها، و لكن الحركة منظمة تنظيم عسكري قوي، و كسبت شعبية وتصدت لرموز البرجوازية، في الشمال ال الاحمر ومحسن، و التفت قبيلتي حاشد وبكيل حول قيادة الحركة، ما اعطاها دفعة قوية جدا، ما مكنها من الاستمرارية بالثورة، و كانت الحركة مع الضعفاء والكادحين ضد المشائخ والنافذين، و بعد ان كسرت ال الاحمر في حاشد، كسبت شعبية غير مسبوقة، فواصلت النضال الثوري المسلح، و قادة البرولتياريا الزراعية، و سقطت عمران، و اهم الالوية العسكرية اللواء الثالث مدرع التابع للاخوان المسلمين بيد الحركة، و بذلك عرف الجميع ان صنعاء باتت علي مرمى الانصار، و ان سقوطها مسألة وقت ليس الا، و ارسل ملك النفط السعودي، وفد من قبله لهادي وصالح ومحسن والاخوان، يطلب منهم المصالحة، و مواجهة الحوثيين، و بالفعل رضخ هادي لطلب الملك وعين قادة عسكريين كبار في اهم الالوية العسكرية، موالين لصالح، و اقصى قيادات محسنية اخوانية كنوع من احداث التوازن، و اداء الجميع صلاة عيد الفطر بجامع الصالح، ولأن صالح رجل سياسي وثعلب ماكر، يجيد قراءة الواقع السياسي اليمني، و بالذات التركيبة القبلية لقبائل حاشد وبكيل، فقد عرف انه لو ذهب في ذلك الظرف للتحالف مع محسن وال الاحمر والاخوان لقتال الحوثي، سينتحر وينتهوا جميعا، لأنه ادرك جيدا انه قد حدث تحول اجتماعي، و ان ابناء القبائل المحيطة بصنعاء وعمران، قد نبذت المشائخ، و ذهبت للسيد و بذلك كسب السيد قوة ضاربة وجيوش من المقاتلين الشرسين واي مواجهة معه ستكون نهايته، فأقنع صديقه الملك السعودي، بعدم جدوى التحالف ضد الحوثي، و انه سيحتوي الحوثي بطريقته الخاصة، و سيروضه و يخترق حركته ويروضها و يفسدها، فقام بمداهنة الحركة وبعث من قبله رسل من الهاشمية السياسية للسيد، و بذلك ضمن عدم توجه الثورة اليه، و بعد قرار رفع اسعار الوقود من قبل نظام المبادرة اشتعلت الاحتجاجات الشعبية واخذت طابع ثوري، و احتدم الصراع الى ان تمكنت الجماهير الفلاحية المسلحة بقيادة انصار الله، من اقتحام العاصمة بقوة السلاح الثوري المنظم، و سقطت الفرقة عشية 21سبتمبر 2014م، و فر محسن وال الاحمر وسقط النظام، و انهار انهيار دراماتيكي، و حققت ثورة الريف اليمني انجاز بهر العالم، الا ان قيادة الحركة دشنت الثورة المضادة مجددا، بإعادتها السلطة للبرجوازية بتوقيع اتفاق السلم والشراكة مع احزاب البرجوازية، و بذلك لم تحدث الثورة اي تغيير ملموس، ترددت القيادة وتهيبت ودخلت في مساومات وحوارات مع كتل البرجوازية تكللت بتشكيل حكومة رأسمالية عميلة للرياض، رئيسها باحاح ذيل للرأسمالي السعودي بقشان، و انقسمت الثورة المضادة مجددا.
استبعد صالح ومؤتمره من الحكومة، فذهب لإبرام اتفاقيات سرية مع الحركة الثورية انصار الله، و بعد فترة اتضحت المؤامرة المتمثلة بإصرار هادي على تمرير دستور يتضمن تقسيم اليمن الى ستة اقاليم تنفيذا لمؤامرات اجنبية، واستمر الصراع، فتجددت المواجهات بين هادي و انصار الله، و قدم هادي استقالته لبرلمان صالح منتهي الولاية فاقد الشرعية، فوجدها صالح فرصة ذهبية للعودة مجددا للتفرد بالسلطة، و الح علي الانصار بالسماح لبرلمانه الذي يمتلك داخله الاغلبية الساحقة بالانعقاد وقبول الاستقالة، الا ان الانصار رفضوا ذلك، و اصدروا اعلان دستوري وحلوا البرلمان، و تباينوا في تلك اللحظة مع كل الطبقات الرأسمالية الحاكمة، و هو ما افزعهم جميعا، و خاف صالح وتوحدت الثورة المضادة بكتلتيها مجددا، و اصرت على اعادة البرلمان والغاء الاعلان الدستوري، و نسجت المؤامرات، مستغلة عفوية وريفية انصار الله، و تهيبهم من الاستيلاء علي سلطة الدولة، و هرب صالح بالتعاون مع المخابرات السعودية، هادي الى عدن، و ظهر بعدها بخطاب مستفز للجنوب وقال انه متحالف مع انصار الله، و ان هادي سيهرب من البحر نحو جيبوتي.
بعد ذلك كثف اتصالاته بأنصار الله، عبر وسطاء من سادة الطيرمانات الارستقراطيين، و كشف لانصار الله عن مخازن سلاح سرية، ليثبت لهم ولائه واخلاصه، و ليقنعهم بالتحالف معه، و بعد هروب هادي خططت البرجوازية بكتلتيها وبالذات صالح، لتشتيت قوة انصار الله واضعافهم كما فعلت البرجوازية الفرنسية بنابليون شتت قوته بأوروبا، و انهك بعدها وسقط، و انصار الله خطط لهم ان تشتت قواهم وينزلوا الجنوب لينهكوا، ونزلوا بالفعل الجنوب، و دفعوا ثمن اخطاء صالح ونظامه، لعقدين من حكم الجنوب، و تبادلت الثورة المضادة الادوار، و ظهرت منقسمة مجددا، بعد شن الحرب العدوانية من قبل ال سعود على اليمن.
صالح و حزبه ظهر انه متحالف مع انصار الله، و انه يقود الجيش ويحارب به السعودية، و انه رافض للعدوان، والاعلام المعادي، ضخ بكثافة، ان صالح يمتلك الجيش ومتحالف مع الحوثي، و قامت السعودية بقصف منزل صالح، و بعدها ظهر جوار بيته، و بذلك تم اعادته الى واجهة المشهد، و عادت شعبيته المتأكلة تتعافى، و تبادل الادوار مع العدو السعودي، و عمل بخطة واضحة ودقيقة على احتواء انصار الله وافساد قيادتهم الميدانية، و استثمار تضحياتهم ومنعهم من استكمال الثورة وملئ فراغ السلطة، و بين الفينة والاخرى يظهر بخطاب متلفز، يظهر فيه رفض العدوان ويغازل ال سعود، و بذلك كانت شعبيته تتنامى، على حساب شعبية انصار الله، و اليمنيين البسطاء، يحبون القائد المعادي للسعودية، و انصار الله سمحوا له بتصدر المشهد وصدقوا انه فعلا ضد الحرب العدوانية، و الا كيف يتسق ان يصدق ان صالح ضد العدوان، و هدف الحرب هو سحق الثورة ومن يقودها باليمن انصار الله، و صالح و حزبه قوة ثورة مضادة، يرفض الثورات ويسخر منها، و مؤيد للإمارات وابنه واستثماراته فيها، و امتدحها وهي اهم حليف للسعودية ومشاركة في احتلال وغزو اليمن، و بناء صالح عن طريق اجهزة المخابرات والجيوش الالكترونية التابعة له، و الاذاعات المحلية، وعي شعبي، مقتضاة ثنائية الزعيم والسيد، المؤتمر وانصار الله، توحيد الصف في مواجهة العدوان، و حذرنا من ذلك وخطورة التحالف مع قوى الثورة المضادة، و تناسي الثورة وخطابها، و توجهها، فتم تخويننا واعتبارنا طابور خامس يستهدف شق الصف، حذرنا من السماح لصالح بالاتصال بمشائخ طوق صنعاء، فلم يعير احد تحذيراتنا، و بعدها تم تعيين محسن من قبل ال سعود نائب لهادي، لكي يتواصل مع صالح ومشائخ طوق صنعاء، و بعد ان تيقن صالح انه قد استكمل المخطط بعد اضعاف انصار الله، وانهاكهم وافساد بعض ممثليهم وتشويههم بحملات اعلامية ممنهجة، مايز نفسه عنهم ودشن الثورة المضادة، صباح السبت 26مارس، بحشد الجماهير بميدان السبعين، و قد انصهرت الثورة المضادة وتوحدت بعد انقسام لفترة، الان هم كتلة واحدة صالح ومحسن مؤتمر واصلاح، يجمعهم التضامن الطبقي، و لا تستغربوا المواقف المخزية والعميلة و الخيانية للاحزاب البرجوازية والرجعية، فالبرجوازية والرجعية مستعدة ان تتحالف مع الشيطان في سبيل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية الدنيئة والضيقة، و هذا ما يخبرنا به التاريخ، فقد تحالفت حكومة فيشي في فرنسا اثناء الحرب العالمية الثانية مع الغازي المحتل النازي هتلر، و ها هو اليوم حزب الاصلاح الرجعي وبعض رموز البرجوازية الطفيلية، يتحالفون مع صالح وكلهم سيتحالفوا مع الغازي المحتل المعتدي السعودي ضد بلدهم.
في موقف خياني مخزي ومخجل، و لكنهم لا يستحون و لا يخجلون، لانهم باعوا انفسهم و اوطانهم مقابل المال الحرام.
والان دشنوا الثورة المضادة بالمؤسسات والوزارات، اضرابات واشاعة للفوضى، و الثورة لم تمس مصالحهم الاقتصادية، لا زالوا متحكمين بالحياة الاقتصادية، و محتفظين بكامل قوتهم، و هياكلهم الحزبية والسياسية، عصب الاقتصاد في ايديهم، شركات النفط والغاز والاتصالات والنقل والمصارف والتجارة كلها ملك لهم، لم يمسها الحوثي بأي مراسيم ثورية تعيدها للشعب، لم يصدر قرار ثوري، يمس سلطتهم سلطة رأس المال، اعلامهم وصحافتهم تمارس دورها في تسميم وعي الشعب وصنع رأي عام معادي للثورة وللشعب، لو تم اجراء انتخابات غدا سيفوز فيها المؤتمر والاصلاح.
الشعب يتحمل المعناة وملتف حول قيادة انصار الله، و يقدم قوافل من الشهداء، و الاستاذ محمد عبد السلام لازال يظهر علي الشاشات ليبشرنا، بالتسويات والمساومات والمصالحات والسلم والشراكة، و انه لا يمكن ان يستفرد طرف بحكم اليمن!.
من اجل ان تتشاركوا السلطة مع المؤتمر والاصلاح واللصوص والعملاء..؟
اين الثورة اذن..؟
لماذا تجوعوا الشعب و تحافظوا على ثروات ومزارع وشركات وعقارات واموال اللصوص والفاسدين، اللذين يقفون خلف المضاربة بالوقود والغاز وكل اقوات الفقراء..؟
لماذا لم تقتربوا من اموالهم..؟
اعلموا ان الطبقات الدنيا الكادحة المفقرة ستحتقر المساومات و التردد في اللحظات الحاسمة، الشعب ينتظر قرارات ثورية تمس مصالح الفاسدين والمرابين والمضاربين، “الطبقة الرسمالية البيروقراطية”.
الثورة المضادة متربصة وتتحين الفرصة للانقضاض لأنكم تهادنونها، تلهثوا وراء الشراكة معها.
اذا لم تسارعوا بإصدار حزمة من القرارات الثورية التي تصب في مصلحة الشعب الكادح فقد خنتم الثورة وتضحيات الشهداء، و ستعود الثورة المضادة لتبديدكم، و غدا ستثبت لكم الايام دقة قراءتنا.